Jumat, 14 Oktober 2016

من فضائل الصيام



الحمد لله الذي هدانا الإسلام و أرسل إلينا نبيه محمدا أفضل الأنام, فبين برسالته الحلال و الحرام, وفضل أحكام الصلاة و الصيام. و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العلام, و اشهد أن محمدا عبده و رسوله أفضل من صلى لربه و صام, صلى الله عليه و على اله و أصحابه البررة الكرم, و سلم تسليما كثيرا ما دامت الليالي و الأيام.
أحبتي في الله..عبادة عظيمة غفل عنها كثير من الناس, وعبادة يسر بين عبد بربه, و عبادة من أتى بها و عمل بها اليوم بعد الله بينه و بين النار سبعين فرسخا, أي عبادة هذه؟
فهو التعبد لله سبحانه وتعالى بالإمساك عن الأكل والشرب، وسائر المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.[1] وقيل: الصوم هو عبارة عن الإمساك عن أشياء مخصوصة، في زمن مخصوص، من شخص مخصوص، بنية مخصوصة.[2]
شرع الله الصيام، وجعله رابع أركان الإسلام، وجاءت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة تبين أحكامه وتوضح معالمه بصورة واضحة, كما قال الله تعالى في كتابه الكريم:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. (البقرة: )183
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً. (البقرة: 92)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: " لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ اللَّهَ فَجَزَاهُ فَرِحَ، وَالصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ «، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»[3]
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ»[4]
          أيتها الأخوات, قد جعل الله لنا من فضائل الصيام لا تحصى منها:
 كان الصيام ينبت تقوى الله في القلوب  كما قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة 183] فبين سبحانه وتعالى هذه الآية أنه شرع الصيام لعباده ليوفر لهم التقوى. والتقوى كلمة جامعة لكل خصال الخير، وقد علق الله بالتقوى خيرات كثيرة وثمرات عديدة، وكرر ذكرها في كتابه لأهميتها، و التقوى أن تعمل بطاعة الله تعالى على نور من الله يرجو ثواب الله, و أن تترك معصية على نور من الله يخاف عقاب الله.[5]
فلا الشك أن النداء أولا يوصف الإيمان. وهو أساس الخير و مَنبع الفضائل, و هي سر الإيمان و الفلاح دلالة واضحة على أن الصوم المطلوب ليس مجرد الإمساك عن المفطرات. إنما هو الإمساك عن كل ما ينافي الإيمان[6] يعني كف الجوارح عن المحرمات.
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً( الأحزاب 35)
انتصب على أنه مفعول له أو تمييز أو حال بأن يكون المصدر في معنى اسم الفاعل  أي مؤمنا محتسبا, و المراد بالإيمان  الإعتقاد بحق فرضية صومه, وبالاحتساب طلب الثواب من الله تعالى.
قال الخطابي احتسابا أي عزيمة, وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة نفسه بذالك غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه.[8]
 فبين الرسول أن مغفرة الله ينزل إلى الصائم يعتقد بحق فرضية صومه و الرغبة في طلب الثواب من الله تعالى.
قال تعالى: {وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْىُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ} الآية [البقرة:196].
فجعل الصيام واحداً مما يفدى به عن تلك الإساءة أي منع حلق الشعر و غيرها قبل الهدي, فمن حلق الشعر لأي سبب كان ففدية من صيام أو صدقة أو نسك, كما في الحديث عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " النسك شاه والصيام ثلاثه ايام والطعام فرق بين سته " وكذا روي عن علي ومحمد بن كعب وعكرمه وابراهيم النخعي ومجاهد وعطاء والسدي والربيع بن انس[9]
قال تعالى في تتمة الآية السابقة فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ( البقرة:196)
إذا عجز عن هدى التمتع ومثله القرآن، فإن الله تعالى قد جعل له بدلاً عن ذلك، وهو صيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجع إلى بلده, 
فجعل الصيام بدلاً عن الهدى عند فقده أو العجز عنه، لما فى الصيام من الكفاية والسداد لما يؤديه الهدى من الجبران، ولذلك قال: (كاملة) "أى: كاملة فى الثواب لسدها مسد الهدى فى المعنى الذى جعلت بدلاً عنه"[10] فجعل الصيام جابراً لما يقع فى النسك من تقصير أو إساءة، وذلك لما فى الصوم من الوفاء بذلك النقص لعظيم أجره، ولما فيه من تعديل للخلق وتقويم له، فيحمل صاحبه إلى عدم العودة إلى مثل تلك الإساءة أو التقصير، لما يورث فى صاحبه من التقوى.
قال تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِى أَيْمَـٰنِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأَيْمَـٰنَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَـٰكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ أَيَّامٍ ذٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَـٰنِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَٱحْفَظُواْ أَيْمَـٰنَكُمْ كَذٰلِكَ يُبَيّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءايَـٰتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 89].
أوجب الله تعالى الصيام على الإساءة فى بعض العبادات وهى في الحج، فكذلك أوجبه على الإساءة فى بعض ما يجرى بين المسلمين من المعاملات وذلك كالإساءة بالقتل، أو الظهار، أو الحنث باليمين.
فجعل الصيام كفارة لليمين عند العجز عن الطعام أو العتق، وذلك لما فى الصيام من فضل يجبر الإساءة التى حصلت فى عدم الوفاء باليمين، وهو يهذب النفس ويزكى أخلاقها فى تعظيم الله تعالى وإجلاله كما يجب أن يكون على المؤمنين، على ما مر تقريره.
قال تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (التجريم: 3-4)
إن الله تعالى أوجب على الإساءة فى هذه الأشياء كفارة لتكون جابرة لعظم تلك الذنوب ومقومة لأخلاق المسلم وسلوكه وجعلها موازية فى الشدة لعظم الجرم الذى اقترفه لتكون كفيلة بتقويم خلقه.
الظهار – وهو قول الرجل لامرأته: أنت على كظهر أمى، أو نحوه، جريمة كبيرة.[11] سماه الله تعالى (منكراً من القول وزوراً) لأنه إحالة حكم الله وتبديله بدون إذنه، لذلك كانت كفارته إذا لم يتبعه فوراً بالطلاق، كفارة عظمى وهى تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
        َعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، فَالصَّوْمُ جُنَّةٌ [12]
 الجنة يعني الوقاية. كما أمر رسول الله عليه شهوة النكاح ولم يستطع الزواج بالصيام, وجعله وجاء لهذه الشهوة, لأنه يحبس قوي الأعضاء عن استرسالها, و يسكن كل عضو منها, فقد ثبت أن تأثيرا عجيبا على حفظ الجوارح الظاهرة و القوى الباطنة.[13]
كما في الحديث: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِى وَأَنَا أَجْزِى بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِى لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ[14]
قال ابن عبد البر: "كفى بقوله: ((الصوم لي)) فضلاً للصيام على سائر العبادات"[15]
وقال أيضاً: "فإن قال قائل: وما معنى قوله: ((الصوم لي وأنا أجزي به)) وقد علم أن الأعمال التي يراد بها وجه الله كلها له وهو يجزي بها؟
فمعناه والله أعلم: أن الصوم لا يظهر من ابن آدم في قول ولا عمل، وإنما هو نيّة ينطوي عليها صاحبها ولا يعلمها إلا الله، وليست مما تظهر فتكتبها الحفظة كما تكتب الذكر والصلاة والصدقة وسائر الأعمال ؛ لأن الصوم في الشريعة ليس بالإمساك عن الطعام والشراب؛ لأن كل ممسك عن الطعام والشراب إذا لم ينو بذلك وجه الله ولم يرد أداء فرضه أو التطوع لله به فليس بصائم في الشريعة، فلهذا قلنا إنه لا تطّلع عليه الحفظة ولا تكتبه، ولكنّ الله يعلمه ويجازي به على ما شاء من التضعيف" [16]
عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال عمر رضي الله عنه: من يحفظ حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال حذيفة: أنا سمعته يقول: ((فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة)) قال: ليس أسأل عن هذِهْ، إنما أسأل عن التي تموج كما يموج البحر، قال: وإن دون ذلك باباً مغلقاً، قال: فيفتح أو يكسر؟ قال: يكسر، قال: ذاك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة، فقلنا لمسروق: سَلْهُ، أكان عمر يعلم من الباب؟ فسأله فقال: نعم، كما يعلم أن دون غد الليلة)[17]
وقد ترجم البخاري على الحديث بقوله: " باب الصوم كفارة ".
قال القاري: "والمعنى أن الرجل يبتلى ويمتحن في هذه الأشياء، ويسأل عن حقوقها، وقد يحصل له ذنوب من تقصيره فيها، فينبغي أن يكفرها بالحسنات؛ لقوله تعالى: {إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ} [هود:144]" [18]
في حديث أبي هريرة الماضي: ((والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك))[19]
قال ابن الأثير: "الخِلفة: بالكسر: تغيرّ ريح الفم، وأصلها في النبات: أن ينبت الشيء بعد الشيء؛ لأنها رائحة حدثت بعد الرائحة الأولى، يقال: خلف فمه يخلُف خِلفة وخلوفاً، ومنه الحديث: (( لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك )) " [20]
وقال ابن عبد البر: "ومعنى قوله: ((لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)): يريد أزكى عند الله وأقرب إليه وأرفع عنده من ريح المسك، وهذا في فضل الصيام وثواب الصائم، ومن أجل هذا الحديث كره جماعة من أهل العلم السواك للصائم في آخر النهار من أجل الخلوف؛ لأنه أكثر ما يعتري الصائم الخلوف في آخر النهار لتأخر الأكل والشرب عنه " [21]
في حديث أبي هريرة الماضي: ((للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه)) [22]
قال القاضي عياض: " أما فرحته عند لقاء ربه فبيّنة؛ لما يراه من الثواب وحسن الجزاء، وأما عند إفطاره فلتمام عبادته وسلامتها من الفساد وما يرجوه من ثوابها، وقد يكون معناه: لما طبعت النفس عليه من الفرح بإباحة لذة الأكل وما منع منه الصائم وحاجته إلى ذهاب ألم الجوع عنه " [23]
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله مُرْني بأمر آخذه عنك، قال: ((عليك بالصيام فإنه لا عدل له))[24]
قال السندي: " ((فإنه لا مثل له)) في كسر الشهوة ودفع النفس الأمّارة والشيطان، أو لا مثل له في كثرة الثواب" [25]
13- الريان للصائمين :
عن سهل بن سعد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد))[26]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، فقال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال: نعم وأرجو أن تكون منهم))[27]
قال النووي: " قال العلماء: معناه من كان الغالب عليه في عمله وطاعته ذلك "[28]
وقال أيضاً: " قال العلماء: سمي باب الريان تنبيهاً على أن العطشان بالصوم في الهواجر سيروى وعاقبته إليه وهو مشتق من الري " [29]
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة؛ يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان)) [30]
قال الطيبي: "والقول من الصيام والقرآن إما أن يُأَوَّل أو يجرى على ما عليه النص، هذا هو المنهج القويم والصراط المستقيم، فإن العقول البشرية تتلاشى وتضمحل عن إدراك العوالم الإلهية ولا سبيل لها إلا الإذعان له والإيمان به " [31]
وقال الملا علي قاري: " وهذا دليل على عظمتهما " [32]
أخواب البرارة...من المقالة المخطوطة التي قد بحثنا مفصّلاً باعتبار الأيات و الأحاديث و, استنباطًا بأنّ فضائل الصيام من يعض الكسب في استكمال الإيمان, على أنّه قد سنّه الأنبياء والمرسلين و امتثالهم الأمة. و بعد, أنّه من كمال الإيمان و يتحقق علينا بالبركة و الرضا و ارتحال الذنوب من الله. فمن أجل ذلك, ليزداد من عند الله ثوابٌ. 
فقد تمّ بحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله الكريم و آله و صحابته والتابعين الكرام. أللّهمّ اجعلنا من أكرم خلقك و أصحاب رضاك و فضلك. ربنا تقبل منّا من عبادك الفقراء و الضعفاء, فإنك أنت السميع العليم. آمين, يا ربّ العالمين....



المراجع:
-       القرآن الكريم
-       الشرح الممتع جزء 6
-       التعريفات جزء1
-       الجامع الصحيح البخاري جزء 2
-       نور التقوى و ظلمات المعاصي سعيد بن على نت وهف القحطاني
-       الأحكام الصوم و الإعتكاف
-       فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحافظ ابن جحر العسقلاني جزء 4
-       تفسير ابن كثير جوء 2
-       تفسير البحر المحيط لأبى حيان جوء 2
-       مسند أحمد مخرجا جزء 15
-       صفة صوم النبي
-       فقه الصوم جزء 1
-        التمهيد جزء 19
-       مرقاة المفاتيح جزء 9
-       النهاية جزء 2
-       الإكمال جزء 4
-       شرح سنن النسائي جزء 4
-       شرح مسلم للنووي جزء 7
-       شرح الطيبي على المشكاة جزء 4
-       المرقاة شرح المشكاة جزء 4
-       والحاكم في المستدرك جزء 1




[1] تعريف الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع جزء 6 ص 310
[2] التعريفات جزء1ص 178
[3]رواه البخاري: 1894, الجامع الصحيح البخاري جزء 2 ص 29
[4]29 رواه البخاري: 1896, الجامع الصحيح البخاري جزء 2 ص
[5] نور التقوى و ظلمات المعاصي سعيد بن على نت وهف القحطاني ص: 6
[6] الأحكام الصوم و الإعتكاف 21
[7] رواه البخاري:1901 الإمام البخاري الجامع الصحيح جزء:2. ص: 31
[8] فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحافظ ابن جحر العسقلاني جزء 4 ص 138
[9] تفسير ابن كثير جوء 2 ص 232
[10] تفسير البحر المحيط لأبى حيان جوء 2 ص 80
[11] الزواجر ابن حجر الهيتمى جوء 2 ص 53
[12] مسند أحمد مخرجا جزء 15 ص 55
[13] صفة صوم النبي 12
[14] صحيح البخاري برقم 5927
[15] فقه الصوم جزء 1 ص 29.
[16] التمهيد جزء 19 ص 60.
[17]( أخرجه البخاري في الصيام، باب الصوم كفارة برقم ( 1895 )، ومسلم في الإيمان برقم ( 144.
[18] مرقاة المفاتيح جزء 9 ص 328
[19] تقدم تخريجه
[20] النهاية جزء 2 ص 67
[21] التمهيد جزء 19ص 57
[22] تقدم تخريجه.
[23] الإكمال جزء 4 ص 112.
[24] صحيح: أخرجه النسائي في الصيام، باب فضل الصيام برقم ( 2220 )، وابن خزيمة في الصيام، باب فضل الصيام وأنه لا عدل له من الأعمال برقم ( 1893 )، وقال ابن حجر في الفتح (4 / 126): " إسناده صحيح"، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 1937
[25] شرح سنن النسائي جزء 4 ص 165
[26]) أخرجه البخاري في الصيام، باب الريان للصائمين، برقم ( 1896 )، ومسلم في الصيام برقم (1152.
[27]) أخرجه البخاري في الصيام، باب الريان للصائمين، برقم ( 1897 )، ومسلم في الزكاة برقم ( 1027
[28] شرح مسلم للنووي جزء 7 ص 116
[29] المرجع السابق.  
[30] رواه أحمد في مسنده ( 2 / 174 – 6626 )، والحاكم في المستدرك ( 1 / 740) )، وقال: " صحيح على شرط مسلم "، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ) 3 / 181 ): " رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال الطبراني رجال الصحيح "، وصححه الألباني في صحيح الترغيب ( 1 / 483 )، ولم أعثر عليه عند 
الطبراني.

[31] شرح الطيبي على المشكاة جزء 4 ص 141.
[32]المرقاة شرح المشكاة جزء 4 ص 454.